كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


الخطبة بكسر الخاء ما يفعله الخاطب من الطلب والاستلطاف والاستعطاف قولاً وفعلاً فقيل هي من الخطب أي الشأن الذي له خطر لأنها شأن من الشؤون ونوع من الخطوب وقيل هو من الخطاب لأنها نوع مخاطبة تجري بين جانب الرجل والمرأة‏.‏

- ‏(‏حم طب‏)‏ من حديث زهير ‏(‏عن أبي حميد‏)‏ بالتصغير ‏(‏الساعدي‏)‏ بكسر العين المهملة عبد الرحمن وقيل المنذري، رمز المؤلف لحسنه وقال الهيتمي بعد عزوه لأحمد والطبراني شك زهير فقال عن أبي حميد أو أبي حميدة ورواه البزار بغير شك قال ابن حجر وله شاهد عند أبي داود والحاكم عن جابر رفعه وشاهد من حديث محمد بن سلمة عن ابن حبان وغيره انتهى وقضيته إقامة الشواهد عليه أنه لا يخلو عن ضعف ولا كذلك فقد قال الهيتمي رجال أحمد رجال الصحيح‏.‏

579 - ‏(‏إذا خطب أحدكم المرأة فليسأل‏)‏ إرشاداً ‏(‏عن شعرها‏)‏ أي جعودته أو سوطته أو لونه أو حسنه أو ضده وقيل إنما أراد شعر الرأس ‏(‏كما يسأل عن جمالها‏)‏ فإن الشعر أحد الجمالين فيتعين السؤال عنه كما يتعين السؤال عن الجمال وإنما قال يسأل دون ينظر لأنه إنما يجوز له نظر شعر الحاجبين دون شعر الرأس ‏(‏في‏)‏ عن محمد بن الحسين عن أبيه عن محمد بن علي الصوفي عن أبي بكر الراعي عن محمد الدينوري عن إسحاق بن بشر الكاهلي عن عبد الله بن إدريس المزني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي أمير المؤمنين أورده المؤلف في مختصر الموضوعات ثم قال إسحاق ابن بشر الكاهلي كذاب انتهى‏.‏

580 - ‏(‏إذا خطب أحدكم المرأة‏)‏ أي والحال أنه ‏(‏يخضب شعره‏)‏ الأبيض ‏(‏بالسواد‏)‏ أي يغير لونه به وذلك جائز ‏[‏ص 336‏]‏ للجهاد ممنوع لغيره ‏(‏فليعلمها‏)‏ وجوباً ‏(‏أنه‏)‏ أي بأنه ‏(‏يخضب‏)‏ لأن النساء يكرهن الشعر الأبيض غالباً لدلالته على الشيخوخة الدالة على ضعف القوى فكتمه تدليس إذ لو علمت أنه غير شاب أولاً ربما لم تدخل عليه وظاهر النهي أنه لا فرق بين أن يقصد إيهامها أنه شاب أو لا ويؤخذ من العلة أنه لو كان شعره أحمر فخضب بسواد أو أسود فخضب بغير سواد كصفرة لم يلزمه إعلامها لفقد المحذور وأنه لو كان شاباً وشاب في غير أوانه مع توفر القوى لا يلزمه إعلامها لفقد المحذور لكن قد يقال رؤية الشيب منفرة في الجملة‏.‏

- ‏(‏فر عن عائشة‏)‏ ورواه عنها أيضاً البيهقي وزاد بعد قوله فليعلمها لا يغرنها وفيه عيسى بن ميمون قال البيهقي ضعيف والذهبي تركوه‏.‏

581 - ‏(‏إذا خفيت الخطيئة‏)‏ أي استترت قال الزمخشري‏:‏ خفي الشيء واختفى استتر، وبرح الخفاء وزالت الخفية فظهر الأمر وفعل ذلك في خفية وهو أخفى من الخافية وإذا حسن من المرأة خفياها حسن الباقي وهما صوتها وأثر وطئها لأن رخامة صوتها تدل على خفرها وتمكن وطئها يدل على ثقل أردافها والخطيئة اسم للخطاه على الفعلة بالكسر وهي الذنب ‏(‏لا تضر إلا صاحبها‏)‏ أي فاعلها لأن غيره لا يتصور أن يغير ما لم يطلع عليه فلا تقصير منه فهو معذور وأما الآية ‏{‏واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة‏}‏ وخبر أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث فهو فيمن لم يظلم ولم يشارك في فعل الخبائث لكنه اطلع ولم ينكر مع القدرة ‏(‏وإذا ظهرت‏)‏ أي برزت بعد الخفاء ‏(‏فلم تغير‏)‏ بالبناء للمجهول أي لم يغيرها الناس مع القدرة وسلامة العاقبة ‏(‏ضرت العامة‏)‏ أي عموم الناس فاستحقوا بذلك العقاب في هذه الدار ويوم المآب لأن إظهار المعاصي والسكوت عليها استهانة بالدين من جميع المسلمين فيستحقون العذاب لتركهم ما توجه عليهم من القيام بفرض الكفاية‏.‏ قال الغزالي‏:‏ فحق على من يسيء صلاته في الجامع أن ينكر عليه وأن يمنع المنفرد من الوقوف خارج الصف وينكر على من رفع رأسه قبل الإمام ويأمر بتسوية الصفوف وفيه حث عظيم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه من أهم الأمور وقد ذم الله تعالى قوماً تركوا ذلك فقال ‏{‏كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه‏}‏ الآية‏.‏ يعني لا ينهى بعضهم بعضاً‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي هريرة‏)‏ رمز لحسنه وهو غير صواب فقد أعله الهيتمي وغيره بأن فيه مروان بن سالم الغفاري متروك‏.‏

582 - ‏(‏إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم‏)‏ ندباً مؤكداً أو وجوباً ‏(‏على النبي‏)‏ صلى الله عليه وسلم لأن المساجد محل الذكر والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم منه ‏(‏وليقل اللهم‏)‏ أي يا الله ‏(‏افتح لي أبواب رحمتك‏)‏ زاد في رواية الديلمي وأغلق عني أبواب سخطك وغضبك واصرف عني الشيطان ووسوسته، وابن السني بعد رحمتك وأدخلني فيها ‏(‏وإذا خرج‏)‏ منه ‏(‏فليسلم‏)‏ بعد التعوذ كما في رواية أبي داود ‏(‏على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم أني أسألك من فضلك‏)‏ أي من إحسانك مزيد إنعامك، وسر تخصيص ذكر الرحمة بالدخول والفضل بالخروج أن الداخل اشتغل بما يزلفه إلى الله وإلى ثوابه وجنته من العبادة فناسب أن يذكر الرحمة فإذا خرج انتشر في الأرض ابتغاء فضل الله من الرزق فناسب ذكر الفضل كما قال ‏{‏فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله‏}‏ واعلم أن النووي نقل عن العلماء أن الصلاة والسلام يكره إفراد أحدهما عن الآخر وقد وقع إفراد السلام في هذا الحديث وورد إفراد الصلاة في حديث ابن السني عن أنس ولفظه كان إذا دخل المسجد قال بسم الله اللهم صل على محمد وإذا خرج قال مثل ذلك ‏[‏ص 337‏]‏ فإفراد كل منهما في هذين الحديثين يعكر على القول بالكراهة والظاهر أن مرادهم أن محل كراهة الإفراد فيما لم يرد الإفراد فيه وأن أصل السنة تحصل بالإتيان بأحدهما وكمالها إنما يحصل بجمعهما كما ورد في حديث يأتي‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ وكذا النسائي ‏(‏عن أبي حميد‏)‏ عبد الرحمن بن سعيد الساعدي وابن ماجه عن أبي حميد أو عن أبي أسيد بن ثابت الأنصاري المدني قيل اسمه عبد الله وهو بضم الهمزة وفتح المهملة كما ضبطه المؤلف بخطه لكن في التقريب عن الدارقطني أن الصحيح فيه فتح الهمزة رمز لحسنه وعزوه لابن ماجه لا يخلو عن شوب شبهة لأن فيه حديثين لفظ أحدهما عن أبي حميد إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم ثم ليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل اللهم إني أسألك من فضلك انتهى‏.‏ قال مغلطاي‏:‏ حديث ضعيف لضعف إسماعيل بن عياش روايه الثاني عن أبي هريرة إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم اعصمني من الشيطان انتهى فإن كان اللفظ الذي عزاه له المؤلف في بعض النسخ وإلا فهو وهم‏.‏

583 - ‏(‏إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس‏)‏ ندباً مؤكداً إذا كان متطهراً أو تطهر عن قرب ‏(‏حتى يصلي‏)‏ فيه ‏(‏ركعتين‏)‏ تحية المسجد والصارف عن الوجوب خبر هل عليّ غيرها قال لا إلا أن تطوع وأخذ بظاهره الظاهرية ثم هذا العدد لا مفهوم لأكثره اتفاقاً وفي أفله خلف الصحيح اعتباره فلو قعد شرع تداركهما إن سها وقصر الزمن وكذا لو دخل زحفاً أو حبواً فقوله فلا يجلس غالبي إذ القصد تعظيم المسجد ولذلك كره تركها بلا عذر ثم هذا عام خص منه داخل المسجد الحرام ومن اشتغل إمامه بفرض ومن دخل حال الإقامة وغير ذلك من الصور التي لا تشرع فيها التحية وظاهر الحديث تقديم نحية المسجد على تحية أهله وقد جاء صريحاً من قوله وفعله فكان يصليها ثم يسلم على القوم‏.‏ قال ابن القيم‏:‏ وإنما قدم حق الحق على حق الخلق هنا عكس حقهم المالي لعدم اتساع الحق المالي لأداء الحقين فنظر لحاجة الآدمي وضعفه بخلاف السلام فعلى داخل المسجد ثلاث تحيات مرتبة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فالتحية فالسلام على من فيه‏.‏

قال في الفتح‏:‏ قولهم تحية البيت الطواف مخصوص بغير داخل الكعبة لكون المصطفى لما دخل المسجد يوم الفتح جاء فأناخ عند البيت فدخله فصلى فيه ركعتين فكانت صلاته إما لكون الكعبة كالمسجد المستقل أو هي تحية المسجد العام‏.‏

- ‏(‏حم ق 54 عن قتادة عن أبي هريرة‏)‏

وحديث أبي قتادة ورد على سبب هو أنه دخل المسجد فوجد المصطفى صلى الله عليه وسلم جالساً بين صحبه فجلس معهم فقال‏:‏ ما منعك أن تركع قال‏:‏ رأيتك جالساً والناس جلوس فذكره‏.‏

584 - ‏(‏إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم‏)‏ لزيارة أو غيرها ‏(‏فأطعمه‏)‏ من ‏(‏طعامه فليأكل‏)‏ منه ندباً هكذا هو ثابت في الحديث وإن كان صائماً نفلاً جبراً لخاطره ‏(‏ولا يسأل عنه‏)‏ أي عن الطعام من أي وجه اكتسبه ليقف على حقيقة حله فإن ذلك غير مكلف به ما لم تقو الشبهة في طعامه والمراد لا يسأل منه ولا من غيره ‏(‏وإن سقاه من شرابه فليشرب‏)‏ منه أيضاً ‏(‏ولا يسأل عنه‏)‏ كذلك لأن السؤال عن ذلك يورث الضغائن ويوجب التباغض والظاهر أن المسلم لا يطعمه ولا يسقيه إلا حلالاً فينبغي إحسان الظن وسلوك طريق النوادر فيتجنب عن إيذائه بسؤاله وإنما نهى عن أكل طعام الفاسق زجراً له عن ارتكاب الفسق لطفاً به في الحقيقة كما ورد ‏"‏انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً‏"‏ ومن ثم قيد جمع ما ذكر هنا من النهي عن السؤال بما إذا غلب على ظنه توقيه للمحرمات وفيما إذا كان أكثر ماله حراماً تقرير بديع وتفصيل حسن للغزالي‏.‏س

- ‏(‏طس ك هب عن أبي هريرة‏)‏ قال عبد الحق أسنده جمع وأوقفه آخرون والوقف أصح وقال الهيتمي بعد عزوه لأحمد والطبراني فيه مسلم بن خالد الزنجي تفرد به والجمهور ضعفوه وقد وثق وبقية ‏[‏ص 338‏]‏ رجال أحمد رجال الصحيح‏.‏

585 - ‏(‏إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم‏)‏ وهو صائم ‏(‏فأراد‏)‏ أخوه أي التمس منه ‏(‏أن يفطر‏)‏ أي يقطع صومه ويتغدى ‏(‏فليفطر‏)‏ ندباً جبراً لخاطره ‏(‏إلا أن يكون صومه ذلك رمضان أو قضاء رمضان أو نذراً‏)‏ أو كفارة أو نحو ذلك من كل صوم واجب فلا يحل له قطعه ولو موسعاً لأن الواجب لا يجوز تركه لسنة وفيه جواز قطع النفل بل ندبه لنحو ذلك وأنه لا يلزم بالشروع‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ ابن الخطاب قال الهيتمي فيه بقية بن الوليد وهو مدلس انتهى والمؤلف رمز لحسنه لاعتضاده‏.‏

586 - ‏(‏إذا دخل أحدكم إلى القوم‏)‏ جماعة الرجال ليس فيهم امرأة والواحد رجل أو امرؤ من غير لفظه سموا به لقيامهم بالعظائم والمهمات‏.‏ قال الصغاني‏:‏ وربما دخل النساء تبعاً ‏(‏فأوسع له‏)‏ بالبناء للمجهول أي أوسع له بعض القوم مكاناً يجلس فيه ‏(‏فليجلس‏)‏ فيه ندباً ‏(‏فإنما هي‏)‏ أي الفعلة أو الخصلة التي هي التفسح له ‏(‏كرامة من الله تعالى أكرمه بها أخوه المسلم‏)‏ يعني إكرام من الله أجراه على يد ذلك الأخ المسلم، والتوسعة للقادم أمر محبوب مندوب وكان الأحنف إذا أتاه رجل أوسع له سعة وأراه أنه يوسع له ‏(‏فإن لم يوسع له فلينظر أوسعها مكاناً‏)‏ أي مكاناً هو أوسع أمكنة تلك البقعة ‏(‏فليجلس فيه‏)‏ وإن كان نازلاً بالنسبة لغيره ولا يزاحم أحداً ولا يحرص على التصدر ويتهافت على تعظيم نفسه ويتهالك على الشموخ والترفع كما هو ديدن فقهاء الدنيا وعلماء السوء‏.‏

- ‏(‏الحارث‏)‏ ابن أبي أسامة ثم الديلمي ‏(‏عن أبي شيبة الخدري‏)‏ ويقال الحصري لأنه كان يبيع الحصر صحابي حجازي قيل هو أخو أبي سعيد قال الذهبي حديث جيد ورمز المؤلف لحسنه‏.‏

587 - ‏(‏إذا دخل أحدكم المسجد‏)‏ هو مفعول به لدخل لتعديه بنفسه إلى كل مكان مختص لا ظرف أي إذا دخل وأراد أن يجلس ‏(‏فلا يجلس‏)‏ ندباً ‏(‏حتى يصلي ركعتين‏)‏ بأن يحرم بهما قائماً قيل أو مقارناً لأول جلوسه لأن النهي عن جلوس بغير صلاة وفيه كراهة ترك ركعتين لمن دخل المسجد وهي كراهة تنزيه عند الجمهور وصرفها عن الوجوب خبر هل علي غيرها قال لا، والركعتان أقلها فلو صلاها أربعاً بتسليمة كانت كذلك ولا يشترط أن ينوي بها التحية بل تحصل بفرض أو نفل آخر راتب أو مطلق ويستثنى من ذلك الخطيب وداخل المسجد الحرام ومن دخل والإمام في مكتوبة أو الصلاة تقام أو قربت إقامتها فتكره له التحية ‏(‏وإذا دخل أحدكم بيته‏)‏ يعني محل إقامته من نحو منزل أو خلوة أو مدرسة أو خيمة أو غار في جبل ‏(‏فلا يجلس حتى يركع‏)‏ أي يصلي من إطلاق الجزء على الكل ‏(‏ركعتين‏)‏ ندباً ‏(‏فإن الله جاعل له من ركعتيه‏)‏ اللتين يركعهما ‏(‏في بيته خيراً‏)‏ أخذ منه الغزالي كجمع شافعية ندب ركعتين لدخول المنزل كالخروج منه وقد مر‏.‏

قال الطحاوي‏:‏ الأوقات المنهي عن الصلاة فيها ليس هذا الأمر بداخل فيها‏.‏ قال ابن حجر‏:‏ هما عمومان تعارضا الأمر بالصلاة لكل داخل بغير تفصيل والنهي عن الصلاة في أوقات ‏[‏ص 339‏]‏ مخصوصة فلا بد من تخصيص أحد العمومين فذهب الشافعية إلى تخصيص النهي وتعميم الأمر وعكسه الحنفية والمالكية‏.‏

- ‏(‏عق عد هب عن أبي هريرة‏)‏ ثم قال مخرجه البيهقي أنكره البخاري بهذا الإسناد لكن له شواهد انتهى، وقال العراقي قال البخاري لا أصل له‏.‏

588 - ‏(‏إذا دخل أحدكم على أخيه‏)‏ في الدين بإذنه لنحو زيارة أو ضيافة وهو في نحو بيته ولم يذكر قصداً للتعميم ‏(‏فهو‏)‏ أي صاحب المكان يعني المالك لمنفعته ولو مستأجراً ومستعيراً ‏(‏أمير عليه‏)‏ أي الداخل ‏(‏حتى‏)‏ أي إلى أن ‏(‏يخرج من عنده‏)‏ لأنه أمير بيته فلا يتقدم الداخل على الساكن بحق أو ولاية في صلاة ولا مشورة ولا غيرهما إلا بإذنه أو علم رضاه وفي حديث مسلم لا يؤم الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته أي وهو ما يختص بالإنسان من فرش أو وسادة وقيل المائدة وفيه أن الضيف لا ينصرف حتى يأذن له رب الدار‏.‏

- ‏(‏عد عن أبي أمامة‏)‏ بإسناد ضعيف لكن يقويه ما رواه الديلمي عن أبي هريرة مرفوعاً إذا دخل قوم منزل رجل كان رب المنزل أميرهم حتى يخرجوا من منزله وطاعته عليهم واجبة انتهى أي متأكدة بحيث تقرب من الوجوب على حد قوله‏:‏ غسل الجمعة واجب‏.‏

589 - ‏(‏إذا دخل الضيف على القوم دخل برزقه‏)‏ عليهم والباء للمصاحبة ‏(‏وإذا‏)‏ أضافوه وقاموا بحقه ثم ‏(‏خرج‏)‏ من عندهم ‏(‏خرج بمغفرة ذنوبهم‏)‏ أي قارن خروجه حصول المغفرة لهم إكراماً منه تعالى وفضلاً‏.‏ وفيه من فخامة الضيافة وجزالة القرى ما يحمل من له أدنى عقل على المحافظة عليها والاهتمام بشأنها وناهيك بخصلة توسع الرزق وتنشر الغفران وتبعد عن النيران، وقد مر غير مرة ما يعلم منه أن المراد غفران الصغائر وأن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة‏.‏

- ‏(‏فر عن أنس‏)‏ قال السخاوي‏:‏ سنده ضعيف وله شاهد عند أبي الشيخ عن أبي قرصافة مرفوعاً‏.‏

590 - ‏(‏إذا دخل عليكم السائل‏)‏ أي المستطعم ‏(‏بغير إذن‏)‏ منكم له في الدخول ‏(‏فلا تطعموه‏)‏ أي الأولى أن لا تطعموه شيئاً من أكل أو غيره تأديباً له على جرأته وزجراً له عن تعدي المراسم الشرعية حيث خالف الشارع واقتحم ما حده له من تكرار الاستئذان‏.‏ نعم ينبغي التلطف بالجاهل وتعليمه آداب الشريعة‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن عائشة‏)‏ وفي الأصل بدلها أنس ‏(‏وهو مما بيض له‏)‏ أبو منصور ‏(‏_الديلمي‏)‏ لعدم وقوفه على سنده وقد رمز المؤلف لضعفه‏.‏

591 - ‏(‏إذا دخل العشر‏)‏ عشر ذي الحجة فاللام للعهد كأنه لا عشر إلا هو ‏(‏فأراد أحدكم‏)‏ وهو غير محرم ‏(‏أن يضحي‏)‏ قال في المنضد الفاء للتعقيب كأن الإرادة كانت عقب دخول العشر مقارنة لأول جزء منه وكذا قوله ‏(‏فلا يمس‏)‏ لأن المنع من المس معقب للإرادة فإنه مع اتصاف كونه مريداً للتضحية ينبغي أن لا يمس ‏(‏من شعره‏)‏ أي شعر بدنه رأساً أو لحية أو شارباً أو إبطاً أو عانة أو غيرها ‏(‏ولا‏)‏ من ‏(‏بشره‏)‏ كظفر وجلد بل قال الإسنوي أو دم لكن اعترض بأنه لا يصلح لعده من الأجزاء هنا وإنما المراد الأجزاء الظاهرة نحو جلدة لا يضر قطعها شيئاً بل يبقيه ليشمل المغفرة والعتق من النار جميع أجزائه فإنه يغفر له بأول قطرة من دمها كما في أخبار تأتي وأما توجيه بعضهم بأنه يفعل ذلك تشبهاً بالمحرمين فلا يخفى فساده إذ لو كان كذلك كره نحو الطيب والمخيط ولا قائل به‏.‏ ثم إن خالف وأزال شيئاً من ذلك كره عند الشافعية وحرم عند أحمد وغيره ما لم يحتج بل قد يجب كقطع يد سارق وختان بالغ وقد يندب كتنظيف شعث لمريد إحرام أو حضور جمعة وقد يباح كقلع سن وجعة ولو تعددت أضحيته انتفت الكراهة بالأولى بناء على الأصح أن الحكم المعلق على معنى يكفي فيه أدنى المراتب لتحقق المسمى فيه والبشرة ظاهر ‏[‏ص 340‏]‏ الجلد والمس واللمس ههنا سواء وهو كناية عن حلق الشعر أو قصه أو نتفه وإزالة الظفر بقص أو غيره وهو المراد بالبشرة فكنى عنه بالمس لأنه مس مخصوص بزيادة فعل، ثم إنه في هذا الخبر لم يتعرض لانقضاء مدة المنع وقد بينه في خبر آخر بقوله عقب ما ذكر حتى يضحي والأول اكتفى بدلالة اللفظ عليه لأن تقديم ذكر العشر والتضحية يدل على أن الأمد انقضاء العشر ووقوع التضحية ولأنه حكم قارنه ذكر العشر وإذا تعلق حكم الشيء بأمد له نهاية علم أن منتهاه منتهى ذلك الأمد ولهذا لما علق الحكم في خبر بهلال ذي الحجة احتاج أن يوضحه بقوله حتى يضحي ذكره في المنضد لكن بحث بعضهم أنه يضم لعشر ذي الحجة ما بعده من أيام التشريق وفيه عدم وجوب الأضحية لتعلقها بالإرادة فهي سنة للموسر لا يأثم بتركها عند الشافعي ومالك وأحمد وأوجبها أبو حنيفة على مقيم ملك نصاباً‏.‏

- ‏(‏م ن ه‏)‏ في الأضاحي ‏(‏عن أم سلمة‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

592 - ‏(‏إذا دخل شهر‏)‏ سمي به لاشتهاره ‏(‏رمضان‏)‏ من الرمض لأنه ترمض فيه الذنوب أي تحرق أو لموافقة ابتداء الصوم فيه وقتاً حاراً أو لغير ذلك، وذكر الطلقاني في حظيرة القدس له ستين اسماً ‏(‏فتحت‏)‏ بالتشديد والتخفيف أي تفتح ‏(‏أبواب الجنة‏)‏ وفي رواية أبواب السماء وهي كناية عن تواتر هبوط غيث الرحمة وتوالي صعود الطاعة بلا مانع ومعاوق ويشهد له قوله ‏(‏وغلقت أبواب جهنم‏)‏ كناية عن تنزه أنفس الصوام عن رجس الآثام وكبائر الذنوب العظام وتكون صغائره مكفرة ببركة الصيام والحمل على الحقيقة يبعده ذكره في معرض الامتنان على الصوام بما أمروا به وبالحمل على الحقيقة لم تقع المنة موضعها بل تخلو عن الفائدة إذ المرء ما دام في هذه الدار لا يمكنه دخول إحدى الدارين فأي فائدة له في فتح أبوابها‏؟‏ ذكره القاضي أخذاً من قول التوربشتي هذا كناية عن تنزل الرحمة وإزالة الغلق عن مصاعد الأعمال تارة ببذل التوفيق وأخرى بحسن القبول وغلق أبواب جهنم هنا كناية عن تنزه الصوام عن رجس الآثام بقمع الشهوات إلى آخر ما تقرر لكن نازعه الطيبي بأنه يمكنه أن يكون ‏.‏

الفتح توقيف الملائكة على استحماد فعل الصائمين وأن ذلك منه تعالى بمنزلة عظيمة وأيضاً إذا علم المكلف المعتقد ذلك بإخبار الصادق يزيد في نشاطه ويتلقاه بأريحية ويشهد له حديث عمر ‏"‏إن الجنة تزخرف لرمضان‏"‏ ‏(‏وسلسلت‏)‏ لفظ رواية مسلم صفدت ‏(‏الشياطين‏)‏ شدت بالأغلال لئلا يوسوسوا للصائم وآية ذلك تنزه أكثر المنهمكين في الطغيان عن الذنوب فيه وإنابتهم إليه تعالى، وأما ما يوجد فيه من خلاف ذلك في بعض الأفراد فتأثيرات من تسويلات المردة أغرقت في عمق تلك النفوس الشريرة وباضت في رؤوسها وقيل خص من عموم قوله سلسلت زعيم زمرتهم وصاحب دعوتهم لمكان الأنظار الذي أجيب فيه حين سأله فيقع ما يقع من المعاصي بإغوائه‏.‏